منذ حلوله بتونس في فيفري الماضي، بعد هجرة مطولة بأوروبا دامت 25 عاما بلا انقطاع، أدار اليه الرقاب و ما انفك يشد اليه الأنظار في الداخل والخارج، بعد أن عبر عن استعداده اللامحدود لمد يديه الى وطنه والى أبناء وطنه.. لكن بشروط.. زيارته اليوم الى تونس يتابعها ـ على حد قوله ـ كبار رجال الأعمال في العالم وأيضا رجال أعمال تونسيين، بعضهم مقيم في المهجر والبعض الآخر في تونس، والجميع ينتظر ما ستفرزه هذه الزيارة من اتفاقات بينه وبين حكومة بلده.. هو الملياردير ورجل الأعمال والخبير الاقتصادي العالمي ـ التونسي لحما ودما – محمد المرزوقي الذي تمكن على امتداد ربع قرن قضاها في المهجر من نحت اسم من الوزن الثقيل في عالم المال والأعمال بأوروبا وآسيا وافريقيا وأمريكا الجنوبية .. لم تنسه هذه المدة وطنه فكان يجيب، كلما سألوه في المهجر عن عدد أبنائه، وهو الذي ليس له أبناء : « عدد أبنائي هو 10 ملايين( تونسي ).. هم دوما في بالي وسيأتي يوم أمد فيه لهم يدي».
بعد ثورة 14 جانفي، اعتبر محمد المرزوقي أن الوقت هو الأفضل لبسط كلتا يديه الى تونس والى أبنائها في ظل الوضع الصعب الذي تمر به البلاد، فكان عند نزوله من الطائرة بمطار تونس قرطاج محملا بمشاريع لتطوير عمل عدة وزارات (أو قطاعات) كما وكيفا .. وبأفكار لا متناهية للاستثمار على أرض الوطن في شتى المجالات، ولمساعدة الجميع على القفز عاليا في المجال الاقتصادي.. فضلا عن حقيبة تمويل ـ قال انها من الحجم الثقيل- لكل ما ينوي تنفيذه. ومنذ حديثه عن هذه التوجهات في ندوة صحفية عقدها منذ أسبوعين بالعاصمة، والأسئلة تتهاطل على وسائل الاعلام ـ ومنها «الشروق» ـ للاستفسار عن حقيقة الرجل وعن مدى جديته فيما يقول وخاصة عن سر لفتته المفاجئة الى وطنه، هل هي لغايات سياسية أم أن للرجل مطامح أخرى.. تساؤلات نقلناها الى السيد محمد المرزوقي ضمن الحوار التالي:بعد الانبهار بما تنوي تقديمه لبلدك، فان الجميع بات يتساءل اليوم من هو محمد المرزوقي ؟ـ محمد المرزوقي، رجل أعمال وخبير اقتصادي دولي ومختص أيضا في الاقتصاد الاجتماعي، غادرت البلاد قبل 25 عاما (منذ عهد بورقيبة) وتواصلت اقامتي بلا انقطاع في المهجر الى حد فيفري 2011 .. أقيم رسميا في ألمانيا ولدي مشاريع فندقية بكامل أوروبا وأنشط أساسا في اعداد الاستشارات والدراسات للمشاريع التنموية ومشاريع مقاومة البطالة لفائدة الدول. حيث قدمت الى حد الآن مشاريع لأكثر من 60 دولة حظيت بالقبول بعضها انتهى تنفيذها والبعض الآخر في طور التنفيذ. كما تربطني بأكثر من 50 بنكا عالميا وبعدد من المؤسسات العالمية ومن رؤساء الدول والساسة والدبلوماسيين علاقات عمل واحترام.. وهبني الله شيئا من الفكر والعلم وشيئا من المال أحاول توظيفها في ما يخدم الانسانية جمعاء دون تمييز وهو عهد أخذته على نفسي منذ سنوات.. فما من أحد سيأخذ شيئا معه بعد مماته وهذا مبدئي في الحياة.طوال هذه المدة، أي مكان كانت تحتله تونس صلب اهتماماتك في ظل هذا التعامل الواسع مع 60 دولة؟ـ طوال السنوات الفارطة لم أنس تونس ولا التونسيين وكنت دائم التفكير في الطريقة التي يمكن أن أساعد بها وطني .. أعترف بأني انشغلت كثيرا عن العمل لفائدة تونس بسبب كثرة ارتباطاتي مع عدة دول أخرى ولكن أعترف أيضا بأن النظام السابق لم يكن يرغب في التعاون مع أبنائه المقيمين في المهجر ولم يكلف نفسه الاتصال بي .. لكن رغم ذلك كنت عاقدا العزم حال انتهاء ارتباطاتي بالخارج على العودة الى تونس في 2012 لتقديم يد العون لها. وها أن الظروف تشاء أن أعود لتونس قبل ذلك الموعد بعد أن زال النظام السابق وبعد أن انتابني شعور بأن تونس اليوم في أمس الحاجة لي في أسرع وقت ممكن.ماذا تحتوي الحقيبة التي جئت بها الى تونس ؟ـ بحوزتي الآن 14 مشروعا (أو دراسة ) للنهوض بعمل 14 وزارة (أو قطاعا ) على غرار وزارة النقل أو الصحة أو التعليم والصناعة.. وحتى وزارتي الدفاع والداخلية وهي مشاريع ستمكن الوزارات من النهوض بمواردها الذاتية وبأن تتحول من وزارة مستهلكة تنتظر ميزانية الدولة الى وزارة منتجة تعول على ذاتها وتحقق المرابيح وتشغل الناس .. هي مشاريع نهوض يمكن تطبيقها في كل دول العالم وبالفعل نجحت سابقا في أكثر من دولة ـ بما فيها الدول الغربية ـ وكل منها قادر على توفير مابين 30 و50 ألف موطن شغل جديد في ظرف 5 أو 6 سنوات اذا ما تم قبولها والشروع في تنفيذها (أي ما يعادل 600 ألف موطن شغل أو أكثر في الجملة) وأنا مستعد للمحاسبة بعد مضي هذه المدة اذا لم ينجح مشروع واحد منها. وأعترف اليوم ولأول مرة أنه وفي اطار عملي «أبيع « المشروع الواحد للدول ـ في العادة ـ بحوالي 400 مليار من مليماتنا لكني اليوم مستعد لتوفيره لبلدي مقابل مليار واحد فقط. وفضلا عن ذلك لدي أفكار جاهزة لعدة مشاريع تنموية صغرى ومتوسطة يمكن بعثها بمختلف الجهات ومستعد لتقديمها مجانا الى المواطنين أو صغار المستثمرين أو المؤسسات الذين يهمهم الأمر حسب ما سيطلبونه. كما أني مستعد لمساعدة المؤسسات التي تمر اليوم بصعوبات مالية جراء التداين والتي بلغني أن عددها في ارتفاع اليوم.وماذا عن تمويل هذه الأفكار لتحويلها الى مشاريع على أرض الواقع هل سيقع الاعتماد على الاقتراض من الخارج ؟ـ طبعا لا يمكن الاقدام على تنفيذ مشروع اذا لم يكن تمويله جاهزا بصفة مسبقة. ومن هذه الناحية أود أن أطمئن أن طرق تمويل هذه الأفكار متوفرة لدي والحمد لله ودون الدخول في التفاصيل أقول إني مستعد لتوفير تمويل لأي مشروع أو فكرة يبرهن صاحبها (سواء كان فردا أو مؤسسة أو مسؤولا حكوميا أو حزبا سياسيا)عن حسن استعداده وحسن نواياه لمساعدة بلاده عبر توفير مواطن الشغل وادارة عجلة الاقتصاد.وطبعا ستكون للتمويل شروط وقيود خاصة بالمعنيين مباشرة لكن أهم شرط في نظري هو ضرورة توفر الأمن والاستقرار بالبلاد وأيضا استقرار سياسي على مستوى القيادة اضافة الى الاستقرار الاجتماعي والتطوير التشريعي .. وأقول إننا قد لا نحتاج الاقتراض من الخارج اذا ما عولنا على أنفسنا وعلى بنوكنا ورجال أعمالنا فالتداين الخارجي ليس ضروريا في كل الأحوال.من الناحية العملية كيف سيتم كل هذا ؟ـ منذ تقديمي لهذه الأفكار في ندوة صحفية تهاطلت علي مئات الاتصالات من المواطنين والمؤسسات الراغبة في التعاون مع أفكارنا ومشاريعنا وأنا فخور بذلك .. سجلنا كل المقترحات وهي في المتناول وأكيد أنه سيقع تدارسها بشكل دقيق وأنا مستعد لتنفيذ كل المقترحات في ظرف أسابيع اذا ما أعطتني الجهات الرسمية الضوء الأخضر.هل يعني هذا أن الرؤية لم تتضح بعد في اتفاقاتك مع السلطات الرسمية؟ ـ قضيت اليوم أكثر من أسبوعين أنتظر لقاءات رسمية مع مسؤولين ووزراء لكن شيئا من هذا لم يحدث الى حد الآن باستثناء اتصال من أحد المسؤولين بوزارة قال إنه سيرتب لي موعدا مع مسؤول آخر ليرتب لي بدوره موعدا مع الوزير مطلع الأسبوع القادم. وأتساءل هنا لماذا لم يتصل بي الوزير مباشرة لتحديد موعد وهل أن الأمر يحتاج الى كل هذه الوساطات. كما أني التقيت واليا واحدا طوال اقامتي وأشكره بالمناسبة على اهتمامه بي. وعلى كل حال أنا على أتم الاستعداد للتعاون مع الجميع شريطة أن تقابل ذلك رغبة حقيقية من كل الأطراف حتى لا أجد نفسي في يوم من الأيام أعود الى المهجر مستاء وعندئذ قد تصعب علي العودة ثانية بنفس العزيمة والقرارات التي ترافقني الآن... وأؤكد أن الحقوق الاقتصادية للشعوب (أي حق المواطن في اقتصاد سليم ومتوازن ويلبي حاجياته) باتت اليوم لا تقل أهمية عن الحقوق السياسية والاجتماعية وعن الحريات الأساسية والحكومات توليها أهمية بالغة. لذلك فان الحكومة التونسية سواء المؤقتة أو التي ستليها مطالبة بايلاء هذا الحق ما يستحقه من عناية احتراما لشعبها.. وأؤكد في السياق ذاته أن الحكومة في تونس مطالبة اليوم بمزيد الترفيع في الأجور حتى تدور عجلة الاقتصاد أكثر على غرار ما نراه في الدول المتقدمة. كل من اطلع على أفكارك ومقترحاتك «المفاجئة» تبادر الى ذهنه أن وراءها طموحات سياسية قد تكون دفعتك للعودة الى تونس في مثل هذا الوقت والاستثمار فيها سياسيا عبر الاستثمار الاقتصادي فما رأيك؟ـ صحيح، سمعت هذا الكلام طوال فترة اقامتي في تونس لكن للتوضيح أقول إنه ليس لي أي طموح سياسي أو رغبة في العمل السياسي أو في الانتماء الى أي تيار سياسي.. كما لا توجد لدي رغبة مثلا في الوصول الى منصب سياسي أو غيره بما في ذلك منصب رئاسة الجمهورية.. هذه طموحات بسيطة في نظري وطموحاتي اقتصادية .. فأنا رجل اقتصاد بالأساس وقد لا أجد حتى الوقت الكافي لممارسة العمل السياسي، وليست لي طموحات مالية أكثر مما حققته والحمد لله، رغم أن ذلك ليس ممنوعا وليس تهمة فأنا تونسي ومن حقي ممارسة كل الحقوق السياسية .
لا تنسي أن تنشر الموضوع لأصدقاءك في الفيسبوك